مُسافر
********
مُسافر
منذ الطّفولة
ذكرى
بلون التراب
حُراً
بساطاً رمادياً مُحايد
تُناجي
سبيلاً مائجاً في الفيافي
سيراً
لينابيع العُمر
و لواحات الخلف
وصلاً
مُسافر
منذ الطّفولة
ذكرى
تجرّ
نهاراتي ٱلحارقات
فراًّ
ولياليّ المُوحشات
كراًّ
حتّى الإختفاء
سُكراً
بين السّراب النّزيف
و الغُبار الكثيف
مُسافر
منذ الطُفولة
ذكرى
لرائحة الشّرق
شِعرا
للأب
للهوى
للصّحراء
سرّاً
لحلم الرّجوع
عُمراً
للمس الرّمال الشّقيقة
أصافحها
فتعرفني
أرقى
أحرفاً تتشكّل فوقها
دهراً
فأحتفي بنا
فرحاً
فخراً
و رضاً
مُسافر
منذ الطّفولة
ذكرى
أوجاع الدّفين
و تحت مساء السّنين
أحطّ الرِّحال
مُستقراً
مُغطى بالطّحين
ُمتعباً
خراً
و فوق الجبين
ختم الحنين
عرقاً
بقايا حصاد
أقاسيه باليد
سحراً
ُمسافر
منذ الطّفولة
ذكرى
للرّمل الواحد
الفاقع
غُبار الذّهب
و "درب تباّنتي"
"عجاج" طفولتي
وجه أبي الأسمر
من لوّحته شمس العرب
جمراً
ليبقى الرّمل
حنون وطيّب
لا يقبل القسمة
إلا على الحُبّ
مُسافر
و بعد الطّفولة
مضيت غريب
سجيناً أصير
بلا ذكرى
بلا شُهب
وأعيي
لتعيى
رمال شقيقة
تعرّت
طحين المسافات
إنقسم
لتيه إحتراق
إختصم
فكان زوبعة و حسرى
تُغطيّ الرُّؤى
تُظلّ الصّبى
تُسليّ الغيراَ
مُسافر
بين رمال حارقة
مُراّ
عاصفة
وقبراَ
نزقةً
و سُماّ
تقلع الخيام قلعا
تُغلق النّوافذ غلقا
مُسافر
وأنحاز للرّمال
مفراّ
لوجه أبي
للبدوّي
للعربيّ
للمُسافر
للذكرى
مُسافر
لذكرى الرّمل ولو نزْراَ
عسى السّيل يغدو نهراَ
ومن أدرى...ومن أدرى..
*************
عماد الدين التونسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق