زعزعة عقل(قصة قصيرة) يجري ثم يجري ويلهث من التعب والعطش، الساعة تشير إلى الثانية عشر ليلا الشرطة تلاحقه رفقة تجار الحشيش لكنه مجرد مستهلك صادف تواجده بالمكان لأجل الإقتناء ،كبسة البوليس عليهم في تلك اللحظة، الجميع يقف مكانه وإلا أطلقت النار! نطقها ظابط الشرطة في ثقة وصرامة ،وبما أن الفتى ليس لديه خبرة صلابة قلب تجار البضاعة المحترفين فهو مجرد شاب صغير مدمن كان قد بدأ التعاطي في بداية مراهقته فقد أصابه الدعر والخوف في تلك اللحظة التي حاوطتهم فيها الشرطة ،وعقب ذلك تبادل إطلاق النار مع التجار المسلحين الذين تفرقوا للهرب وهو في صدمته لا ينتمي لأي طرف ما كان منه إلا الهرب كذلك، فبدأ يركض في الظلام بدون اتجاه لا يرى ما أمامه ،سمع شرطيا ينادي توقف وإلا أطلقت عليك النار وأعقب ذلك طلقة نارية خرجت معها صرخة قوية من حنجرته صكت المكان، ولكن الشرطي أصلا لم يكن يوجه الخطاب إليه فقد كان ذلك موجها لأحد أفراد العصابة الذي كانت الرصاصة من نصيبه أيضا ، فلم صرخ هو؟ لقد أصيب بهلع وصدمة من الموقف ككل، كان يتعثر أكثر من مرة أثناء الركض ثم ينهض ويواصل الجري ملتفتا في كل اتجاه بالرغم أنه لا يوجد سوى الظلام ،لقد كان يجري بسرعة شديدة إلى أن ابتعد بمسافة كبيرة عن الجميع وربما لم ينتبه إليه أحد ،فالشرطة قد قبضت على العصابة التي كانت أصلا تحت المراقبة وكان مدسوسا بينها مخبر للشرطة وهو الذي أخبرهم أن هناك شخص تمكن من الهرب وهو مجرد مستهلك،في حين كان هو قد جرى مسافة طويلة في الخلاء وصل إلى أحد الوديان وهناك استلقى على ظهره، مالبت أن سمع نباح الكلاب وبدأ بالصراخ مجددا لا.. لا.. لا تطلق النار ، امنع الكلاب عني، رافعا يديه عاليا ظنا منه أنها الكلاب التي ترافق الشرطة والتي نهشه واحد منها ومزق أسفل سرواله بالظلام عندما شرع في الركض لأنه اشتم الحشيش الذي كان قد تسلمه ووضعه في جيب سترته، ولكن هذه التي بالوادي مجرد كلاب ضالة ورغم الإرهاق دفعه خوفه إلى معاودة الركض في الظلام إلى أن وقع في حفرة في أحد الحقول مغمى عليه،في الصباح مجموعة من الرعاة يرعون أغنامهم في ذلك الحقل، مجتمعين مع بعضهم يتبادلون الحديث ويستمعون إلى الموسيقى من أحد الهواتف و في كل مرة ينهض أحدهم ليعيد الغنم بالتناوب قبل أن تبتعد عنهم، وكان دور أحد الفتية اسمه محمد ذهب إلى الغنم، وفي طريق عودته ألقى نظرة على الحفرة فإذا به يرى جثة إنسان، ليصرخ مناديا على رفاقه ،تعالوا يوجد شخص ميت بالحفرة !لم يتحركو ظنا أنها مزحة منه، وعندما بدت الجدية على صوته واسترساله في استعجالهم، هرعوا إليه وتطوع أحدهم في النزول، لم تكن الحفرة عميقة كانت في حدود المترين تقريبا، نزل وجد أن الموجود شخص معرفة ،تفحص نبضه صرخ إنه على قيد الحياة، مازال يتنفس!،ثم رفعه إلى رفاقه الذين سحبوه إلى فوق وساعدوا زميلهم كذلك في الصعود وسكبوا على عبد المجيد الماء ونادوه باسمه فهم يعرفونه فهو ابن المنطقة إلى أن استفاق يدير نظره عليهم بسرعة وتوجس،دون كلام فأخده اثنان منهما إلى منزله وتكفل الآخران بالعناية بغنمهم إلى حين عودتهم،وصلوا منزله سلموه لوالده وأخبروه أنه كان مغمى عليه في حفرة في الحقل وغادرو لحال سبيلهم، أخده أهله إلى غرفته وحضرت له أمه مرق الحمام تناوله ونام، لم تكن عليه أثر أي نوع من الإصابات،بعد دقائق فقط من غفوته صرخ ،لا لا أمسك الكلب عني جرى والداه إليه وهو يكرر الكلب...الكلب إنه هناك ،أمسك الكلب... دعني دعني لا.. لا.. لا تطلق النار،وتلى ذلك صراخ وهو يمسك رأسه ثم بدأ بالضحك الهستيري ،ووالداه في حيرة واستغراب لهذه الحالة ،ذهب الوالد وأحضر له شيخا قرأ عليه، وبالليل كثر الصراخ وخرج يجري عشوائيا دون وعي كأنه هارب من شيء لحقه والده رفقة بعض أفراد عائلته وأعادوه إلى منزله وفي الصباح أخده والده إلى طبيب أمراض نفسية الذي أكد تعرضه لصدمة نفسية ومروره من تجربة جديدة عليه وحكى لهم مافهمه منه وهو نفس ما حدث،و أنه قد يعود إلي طبيعته ،قاطعه الأب: ماذا تقصد بقد ...قال الطبيب أقصد قد يعود إلى طبيعته بسرعة وقد يتأخر ذلك وقد يظل هكذا سنعرف ذلك من خلال علاجه ومتابعة حالته ،وفي نفس اللحظة كان هو مازال يقلب نظره بين الجميع وينفجر بالضحك من حين إلى آخر ويشير إلى بعض الاتجاهات بأصبعه، انتهت الجلسة مع الطبيب ،وأعاده والده إلى المنزل وفي الليل سمع نباح الكلب وصادف ذلك أيام عاشوراء فكان الأطفال يطلقون الألعاب النارية المصاحبة لهذه المناسبة،ما إن سمع صوتها حتى خرج يركض مجددا ،وأصبحت هذه هي حالته كلما حل الليل، وإن تم إغلاق الأبواب عليه بإحكام فإنه يظل يصرخ ويصرخ إلى أن يغمى عليه أو ينام. السعدية خيا/المغرب
الأربعاء، 26 أبريل 2017
زعزعة عقل قصة قصيره بقلم الكاتبه السعديه خيا
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
الا يا وطني.. * * * بقلم الشاعرة المتالقة ملاك شمس ناصر
الا يا وطني.. أنت الحلم عشقناك وطناً وعشقنا الألم بحجارتك ثوراتنا و زغاريد امهاتنا تشحذُ الهمم كلنا عروسك حبك ينشده المبسم بعزمك...
-
شمس العشية . شــــــــمس الــــــعشية مـــــالت للغروب بـــــــالله يا شـــــــــــــمس لا تـــــــغيبي لـــــــــــــــــــيل ا...
-
عشق العيون السود.... اصابت قلبي بنظره من تلك العيون الرموش شهود... اي صلاة عشق في محراب العيون باطله الافي محربها تحت الرموش وفوق لهيب الخ...
-
تسألني كم تحبني ؟ وهل لحبك ِ حجم ويقاس ب الكم لا والله لا وعلى ما اقول وحده الله يعلم احبك كحبها لجنينها الام كحب ِ مناضل ٍ لارضه والع...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق